سويسرا هو اسم أطلق على أحد مناجم “بني عامر” وذلك لاحتوائه على مخزون ضخم من الذهب قد تصل قيمته إلى مليارات الدولارات ولا يصعب تخمين قيمتها بدقة.
يقع هذا الجبل في السودان في منطقة السريف بني حسين في ولاية شمال دارفور. وقد لعب دورا مهما في رسم الخارطة السياسية بالسودان، لاسيما بعد انفصال الجنوب الغني بالنفط عن الشمال عام 2011.
وفي إبريل/ نيسان 2012، اكتشف فريق صغير من عمال المناجم المتجولين الذهب في تلال جبل عامر. وكان أحد المناجم غنيًا جدًا، وجلب ملايين الدولارات لأصحابه لدرجة أنه أطلق عليه اسم “سويسرا”، بحسب تقرير مجموعة الأزمات الدولية.
والذي لفت إلى أن حفارين اندفعوا إلى جبل عامر من جميع أنحاء السودان، وأفريقيا الوسطى، وتشاد، والنيجر، ونيجيريا بعد زيارة قام بها وزير التعدين السوداني كمال عبد الطيف وحاكم ولاية شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر.
لتصبح المنطقة من أكثر المناطق خطورة وسط انتشار الجماعات والعصابات المسلحة وهذا ما جعل المنطقة منطقة صراعات على مر العصور.
ليتحول ذلك الاكتشاف إلى أغلى مورد طبيعي في البلاد، إلا أن رموز النظام السابق استغلوه لتحقيق ثروات ضخمة. وتم اكتشاف الذهب في جبل عامر مع حُمَّى البحث عن بديل للنفط بعد انفصال الجنوب عن السودان، إلا أن الجبل أصبح بعد ذلك ضمن مكونات الصراع المحلي المندلع بين القبائل العربية والأفريقية، وفي مرحلة لاحقة بين القبائل العربية ذاتها.
وتسيطر على منطقة جبل عامر قبيلتا بني حسين والرزيقات التي ينتمي إليها موسى هلال وقادة الدعم السريع. لكن صـ.ـراعا دار حول تبعية الجبل.
إذ تصر كل واحدة منهما على تبعيته لها، وتدخلت الحكومة ووالي شمال دارفور عثمان يوسف كبر ووزارة المعادن حينها من أجل الحد من التنافس مع القبائل والأفراد الذين ينقبون عشوائيا عن الذهب لاستخراجه وليس لحلِّ تلك الصراعات.
ومع تطور الوقت وظهور الدعم السريع، تم القبض على موسى هلال زعيم الأبالة المحاميد، ثاني قبيلة تسيطر على الذهب بالمنطقة، وأصبح جبل عامـ.ـر ضمن الحيازات غير المعلنة لقوات الدعم السريع”.
لكن القبيلتين عادتا وتحالفتا لإبعاد أي غُرباء يدخلون للمنطقة، وقد اضطرتا أخيرا لتكوين لجنة أهلية مشتركة لحلحلة المشاكل المشتركة بينهما، وفق ما يقوله عبد الله محمد.
تعدين غير مقنن أغلب عمليات التنقيب في جبل عامر تقليدية، بحسب إفادة المدير السابق للشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة (الذراع الرقابي لوزارة المعادن) مجاهد بلال، والذي حذَّر في إفادته لـ”العربي الجديد”، من إعاقة التعدين الأهلي الكثيف في المنطقة لعمليات الاستكشاف والتعدين الحديثة بسبب الأضرار التي يخلِّفها التعدين التقليدي، مشيرا إلى أن منطقة جبل عامر واعدة وبكر وحُبلى بالذهب.
وتوجد مكاتب لشركة الموارد المعدنية في المنطقة، لتنظيم وتقنين التعدين التقليدي ومراقبة أسواقه، وتنسيق عمليات شراء الذهب المـُنتج بين بنك السودان المركزي والشركات التي تشتري من المعدنين التقليديين لبيعه للبنك أو للتجار بالخرطوم، وفق ما قاله بلال.
لكن عضو المجلس الاستشاري للمعادن، المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الناير، يقول: إن المرحلة القادمة تتطلب تقنين التعدين التقليدي خاصة في الذهب، وتحويله إلى تعدين منظم في جبل عامـ.ـر والمناطق التي بها شواهد أو استكشافات.
ولا يرى الناير مشكلة في ما إذا كان المستثمر وطنيا أو أجنبيا، المهم هو تقاسم الإنتاج بين الحكومة والمُــنتِج أو المستثمر، والقيام بمتابعة الإنتاج لضمان سيطرة الدولة على السلعة الاستراتيجية ودخول عائدها إلى الخزينة العامة، كما يقول.
من يسيطر على جبل عامر؟
يبلغ عدد مناطق التنقيب حوالى 10 آلاف في 4 مناجم كبيرة، وفق تأكيد نائب رئيس لجنة منجم جبل عامر، عبد الرحمن إسحاق، والذي قال إن أغلب إنتاج المنطقة من الذهب يتم بيعه في عمارة الذهب بالخرطوم، إذ يرحل إليها ما بين 8 و10 كيلوغرامات من الذهب يوميا، مضيفا أن كافة مناجم الذهب بجبل عامر تابعة لمواطنين.
” سيطرت قوات الدعم السريع على مساحة منطقة تعدين الذهب في جبل عامر، والمقدرة بـ26 كيلومتراً مربعاً (أغلبها تعدين تقليدي)، ومنذ انفصال جنوب السودان، زاد إنتاج الذهب في السودان ثلاثة أضعاف، إذ ارتفعت مبيعات الذهب من عشرة بالمائة من صادرات السودان إلى 70 بالمائة، بحسب تقرير صدر في 1 مايو/ أيار 2014 عن مجموعة الأزمات الدولية، عنونه كبير المحللين في الشأن السوداني بالمجموعة جيرومي توبيانا بخبايا الصراع حول جبل عامـ.ـر”.
وتفاديا للنهب، كان المعدنون والتجار الذهب ينجزون تعاملاتهم عن طريق الشيكات، التي يتم إيداعها في أحد البنوك في مدينة كبكابية القريبة.