صحيفة امريكية تكشف جذور الخلافات السعودية الاماراتية وتجاوزها منظمة اوبك إلى هذه الملفات الملتهبة
النبأ اليمني ـ متابعات
كشفت صحيفة “جيوبوليتيكال فيوتشرز” الأمريكية، عن جذور الخلافات بين السعودية والامارات، منذ نشأتهما في المنطقة وملفات شائكة بينهما بقيت طي التأجيل بفعل الهيمنة السعودية، واخرى فتحتها المنافسة المحتدمة على النفوذ السياسي والاقتصادي في المنطقة، تتجاوز الازمة الاخيرة بشأن حصص انتاج النفط واسعاره في منظمة اوبك.
وقالت الصحيفة أن “العلاقة بين السعودية والإمارات كانت مضطربة منذ عقود، وفي القرن الـ19، اندلع القتال بين السعوديين التوسعيين ومشيخات الساحل المتصالح بقيادة أبوظبي، والتي أصبحت حالياً دولة الإمارات وتكشف نظرة متعمقة في تاريخ وأهداف كلا البلدين أن خلافاتهما عميقة الجذور ولن تتبدد في المستقبل القريب.
جاء ذلك في تقرير أعده البروفيسور “هلال خشان” أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في بيروت، أكد أن “العلاقات بين السعودية والإمارات تبدو قوية ظاهرياً فقد عمل كلا البلدين عن كثب لتقويض بعض الثورات العربية. متجاوزا تدخلاتهما العسكرية في سوريا والعراق واليمن ومحاربة حركات المقاومة ضد “إسرائيل”، وحصار قطر.
وذكر أنه في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، اندلع الخلاف حول واحة “البريمي” بين السعوديين من جهة وأبوظبي وعُمان من جهة أخرى، وتم طرد السعوديين من المنطقة بدعم بريطاني. ثم رفض الرياض ضم البحرين وقطر إلى دولة الامارات عندما تأسست عام 1971، وكذا رفض الاعتراف بالدولة الجديدة طوال اربع سنوات.
مشيرا إلى أن القوات السعودية احتلت خليج “خور العديد” في أبوظبي، الذي يبلغ طوله 40 كيلومترا، كما منعت الرياض قطر من بناء جسر يربطها بالإمارات عام 1974؛ حيث قررت أن تظل القوة المهيمنة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية. واجبار الملك فيصل الشيخ زايد بن سلطان على توقيع معاهدة جدة عام 1974م للاعتراف بدولته.
البروفيسور “هلال خشان” أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في بيروت، نوه في تقريره لصحيفة “جيوبوليتيكال فيوتشرز” الأمريكية بأن المعاهدة أعطت ملكية “خور العديد” للسعوديين، ولهذا لم يصادق الإماراتيون على المعاهدة، وظلت مصدر توتر بين البلدين. رغم ما يقوله حكام البلدين بأن ما يجمعهما يتجاوز ما يفرق بينهما.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، رفضت الإمارات الموافقة على مقترح سعودي بشأن حصص إنتاج النفط خلال اجتماع “أوبك+”. إذ طالبت أبوظبي بحصة أكبر من الإنتاج، بينما أصرت الرياض، بدعم من موسكو، على الإبقاء على تخفيضات الإنتاج حتى نهاية عام 2022، بدلا من إنهائها في أبريل 2022 كما تريد الإمارات.
موضحا أن الامارات ولا شك بحاجة إلى زيادة السيولة للتخفيف من آثار جائحة “كورونا”، بما في ذلك انخفاض إنتاج النفط وفقدان عائدات السياحة. ولن يكون من المستغرب أن تحذو الإمارات حذو قطر وتترك المنظمة. ويدرك كلا البلدان أن نهاية عصر النفط تقترب وتريدان الاستفادة من احتياطياتهما الهائلة قدر الإمكان.
لكنه شدد على أن “الخلاف حول تخفيضات الإنتاج في وقت سابق من هذا الشهر، لا يعد سوى غيض من فيض”. وقال إن “الصراع غير المعلن بين الرياض وأبوظبي أعمق بكثير من حصص الإنتاج وأسعار النفط”. كاشفا عن ملفات مؤججة لهذا الصراع في السنوات الاخيرة، وتجعل الصراع بينهما قائما لعقود قادمة.
وأضاف: على عكس السعودية التي تصر على أن إنتاج أكتوبر 2018 يجب أن يكون خط الأساس لتخفيضات الإنتاج بنسبة 10% التي اتفق عليها أعضاء “أوبك”، تطالب الإمارات بنقل خط الأساس إلى أبريل/نيسان 2021، عندما زاد إنتاجها من 3.1 ملايين برميل يوميا إلى 3.84 ملايين برميل يوميا.
لافتا إلى أن “الإمارات تقول إنه حتى عند خط الأساس الأعلى، سيظل ثلث طاقتها الإنتاجية على الأقل معطلا، بما يفوق أي منتج آخر داخل “أوبك+”. وكشف عن منافسة شديدة بين السعودية والامارات، على بسط النفوذ السياسي والاقتصادي على المنطقة، في مجالات عدة، تتصدرها الاعمال والنقل والسياحة.
البروفيسور “هلال خشان” أوضح في تقريره للصحيفة الامريكية، أنه “وفي سعيها لتحويل الاقتصاد السعودي بحلول عام 2030، تخطط السعودية لأن تحل محل دبي كمركز للأعمال والنقل والسياحة في الشرق الأوسط. وفي الغرف المغلقة، يعرب مسؤولو أبوظبي عن استيائهم من المواقف السعودية تجاه الإمارات.
وذكر أن المسؤولين الاماراتيين يقولون أيضا إن البلدين اتفقا على تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” في وقت واحد، لكن الملك “سلمان بن عبدالعزيز” رفض المضي قدما في الصفقة؛ ما جعل الإمارات تبدو وكأنها الشرير الذي تخلى عن القضية الفلسطينية”. دون أن يفصح عن اسباب تراجع الرياض عن اشهار التطبيع مع اسرائيل.
لكنه استعرض ملفات الصراع الاقتصادي بين السعودية والامارات، وما يؤسسه لازمات تتجاوز المهاترات السياسية إلى حرب اقتصادية بينهما. وقال: دفع تراجع النفط كمحرك للتنمية الاقتصادية أفراد العائلة المالكة السعودية للتنافس مع الإمارات في قطاعات الأعمال التي أمضت نصف قرن في تطويرها.
مضيفا: ويشعر ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” بالغيرة من نجاح دبي المذهل في هذه المجالات، ويتوقع أن يتجاوز مشروع “نيوم” دبي باعتبارها المدينة الرائدة في مجال التكنولوجيا الفائقة في الشرق الأوسط. وأبلغت السعودية مؤخرا الشركات الأجنبية الراغبة في المشاركة في مشاريع حكومية أنه يجب عليها نقل مكاتبها الإقليمية، الموجودة حاليا في دبي، إلى المملكة بحلول عام 2024.
وتابع: قبل أيام قليلة، عدلت السعودية قواعدها للواردات من دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء السلع المنتجة في المناطق الحرة من الإعفاءات الضريبية، بما يؤثر بشكل أساسي على مناطق جبل علي ودبي وأبوظبي المعفاة من الرسوم الجمركية في الإمارات.
مشيرا إلى أن “ولي العهد السعودي يشن مواجهة اقتصادية شرسة مع الإمارات، ويفتح الباب أمام تدابير مضادة من قبل حليفه الاسمي، ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد”. ساردا التوجهات السعودية في هذه المواجهة الاقتصادية التي تتصاعد وتيرتها يوما تلو اخر، على نحو يصعب أن لا تطفو على السطح وتبرز في الواجهة.
وقال: “أعلنت السعودية هذا الشهر عن خطط لتأسيس شركة طيران جديدة للتنافس مع طيران الإمارات. وقالت أيضا مؤخرا إنها ستوسع مرافق الشحن لتستوعب 40 مليون حاوية، لتقترب من طاقة ميناء دبي البالغة 43.3 مليون حاوية.
مضيفا: “وأوقفت السعودية سفر المواطنين السعوديين إلى الإمارات، ظاهريا لحمايتهم من “كورونا”، لكن يبدو أن القرار جزء من تحرك لإقناع السعوديين بقضاء العطلة في المملكة بدلا من دبي”. معتبرا ذلك ضمن “خطوات سعودية لعزل الإمارات عن باقي دول مجلس التعاون الخليجي”.
وتطرق البروفيسور “هلال خشان” في تقريره إلى تنامي العلاقات السعودية العُمانية، على نحو لافت. وقال: “بعد توليه السلطة، في يناير 2020، سافر سلطان عمان “هيثم بن طارق آل سعيد” إلى السعودية هذا الأسبوع في أول زيارة خارجية له”.
مضيفا: “وافق الطرفان على زيادة التعاون الاقتصادي الثنائي وفتح طريق صحراوي سريع مباشر يتجاوز أراضي الإمارات لتسهيل حركة البضائع بين البلدين. ويؤكد عقد الاجتماعات في “نيوم” عزم الرياض على النأي بنفسها عن الإمارات وحاجتها لإيجاد طريق بديل لمضيق هرمز”.
وتابع: “يقول الإماراتيون إنهم يرحبون بالمنافسة. وبينما ارتفع ترتيب السعودية في سهولة ممارسة الأعمال التجارية عالميا من المرتبة 92 إلى المرتبة 62 العام الماضي، إلا أنها ما تزال بعيدة عن تصنيف الإمارات التي تأتي في المرتبة 16 على مستوى العالم”.
مردفا: “وبالرغم أن السعوديين في عجلة من أمرهم ليصبحوا مركز الأعمال في المنطقة، لكنهم فشلوا في تطوير مهارات الموظفين المحليين، وهو الأمر الذي يعد في صميم رؤية البلاد لعام 2030”. مع ذلك، اشار إلى أن السعودية قد تلجأ إلى تغييرات هيكلية لتحقيق غايتها.
وقال: “من المرجح أن تؤدي عدوانية الرياض إلى اتجاه أبوظبي إلى تبسيط متطلباتها البيروقراطية في المجال الإقتصادي لتحافظ على تفوقها وتعيق أي تقدم في خطط التنمية السعودية”. منوها في الوقت نفسه إلى خطط الامارات الاقتصادية للسنوات المقبلة.
مضيفا: من الجدير بالذكر أن لدى دبي خطة خمسية لمضاعفة حجم قطاع السياحة والطاقة الاستيعابية للفنادق وزيادة الشحن والحركة الجوية بنسبة 50%”. وأردف: “في غضون ذلك، فإن الثقة تتلاشى بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي”.
ويلفت البروفيسور “هلال خشان” إلى دور الحرب في اليمن. قائلا: “في الوقت الذي تنفتح فيه السعودية على قطر ومصر وسلطنة عمان، فإنها متشككة في نوايا أبوظبي، خاصة بعد أن عززت علاقاتها مع المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي في اليمن وسحبت قواتها من اليمن عام 2019”.
مضيفا: “عندما أخذت السعودية زمام المبادرة في تأسيس مجلس التعاون الخليجي فقد قدمته كوسيلة لتحقيق الأمن الجماعي وتعزيز الروابط الثقافية والتكامل الاقتصادي. لكن الدول الأعضاء فشلت في بناء قوة عسكرية مشتركة، واختارت بدلا من ذلك تجنيد المرتزقة والاعتماد على الولايات المتحدة للحصول على الدعم العسكري.
وتابع: “وقد تم تقديم مجلس التعاون الخليجي كذلك على أنه معادل للاتحاد الأوروبي، لكن أعضاء المجلس لم يتمكنوا من الاتفاق على عملة مشتركة، وحالت الانقسامات القبلية دون مزيد من التكامل الاقتصادي. وبالرغم أن السعودية اختارت البقاء خارج المنافسة على قطاع الخدمات بين الإمارات وقطر إلا أن انخفاض أسعار النفط دفعها إلى المنافسة بدلا من الاندماج”.