في وقت متأخر من مساء أمس، خرج مئات التونسيين في منطقة دوار هشر في العاصمة تونس للاحتجاج على ارتفاع الأسعار في البلاد واختفاء سلع غذائية من المتاجر.
دوار هشر تشتعل غضباً
وفي التفاصيل، خرج متظاهرون إلى الشوارع ليلاً في حي دوار هشر الفقير بالعاصمة تونس، بينما رفع بعضهم الخبز، كما أحرق شبان غاضبون إطارات السيارات، تعبيراً عن الاستياء من التضخم الذي بلغ 8.6%.
وردد مئات المحتجين ومن بينهم نساء وشبان شعار “شغل حرية.. وكرامة وطنية”.. “عار الأسعار شعلت نار”، بينما هتف آخرون “أين السكر؟”.
كما احتج أيضاً شبان في ضاحية مرناق قرب العاصمة، وأحرقوا إطارات سيارات احتجاجاً على انتحار شاب كان يبيع الفواكه، وقال أفراد من عائلته “إنه شنق نفسه بعد أن ضايقته شرطة البلدية وحجزت آلة الوزن عندما كان يبيع الفواكه على الرصيف في الشارع”.
بدورها، قامت قوات مكافحة الشغب بإطلاق قنابل الغاز لتفريق المحتجين بمنطقة مرناق ولاحقت في الشارع المحتجين الذين رفعوا شعارات ضد الشرطة ورشقوها بالحجارة.
ويذكر أن تونس تعاني من ارتفاع مستوى التضخم، إذ تشهد البلاد نقصاً في العديد من المواد الغذائية في المتاجر.
وفي السياق يتابع البرلمان اللبناني، اليوم، مناقشة موازنة العام 2022، على وقع انقسامات سياسية، وحال غضب تعمّ محيط المجلس النيابي الذي شهد خلال انعقاده محاولة اقتحام من قبل العسكريين المتقاعدين الذين نجحوا في الدخول إلى ساحة النجمة في بيروت وتخطي الحواجز قبل أن تواجههم قوّة أمنية ويلقي عناصر من الجيش اللبناني قنابل مسيلة للدموع لمنعهم من المضي قدماً في تحرّكهم، وتستقدم تعزيزات إضافية.
وأطلق العسكريون المتقاعدون هتافات غاضبة مندّدة بالسياسات المعتمدة من قبل الحكومة والمجلس النيابي، عبر تحميلهم عبء الأزمة الاقتصادية والسعي لـ”النهوض” على حساب الشعب اللبناني، بينما يبقى المسؤولون عن الانهيار بمنأى عن الإجراءات والتدابير والمحاسبة والمساءلة.
ويرى العسكريون أن مشروع الموازنة الذي يناقش اليوم، لا يلبي مطالبهم، بل يزيد معاناتهم، داعين إلى سلسلة إجراءات مالية واستشفائية واجتماعية تجعلهم قادرين على الصمود والتحمّل في ظل تدهور قدرتهم الشرائية وتآكل قيمة رواتبهم بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار، وعجزهم عن تأمين أبسط المواد والسلع الغذائية وحاجات العيش الأساسية، والوصول إلى الخدمات الصحية التي بفواتيرها العالية تجعل شبح الموت يرافق يومياتهم.
ونفذ عددٌ من الجمعيات، والهيئات النقابية، والعسكريون المتقاعدون منذ ساعات الصباح الأولى، وقفات احتجاجية تتزامن مع انعقاد جلسة مجلس النواب التي ستستمرّ حتى المساء، لمناقشة مشروع موازنة 2022 بعد إسقاط كتل نيابية معارضة لها نصاب الجلسة الأخيرة احتجاجاً على التعديلات والأرقام التي جرى إدخالها عليها والبعيدة تماماً من الرؤى الإصلاحية.
وفي بداية الجلسة التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، اعترض رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان على الأرقام المُرسَلة من وزارة المال لاعتماد الدولار الجمركي على تسعيرة 15 ألف ليرة لبنانية، في حين وصف النائب في “حزب الكتائب اللبنانية” (يرأسه النائب سامي الجميل) الياس حنكش الموازنة بـ”المسخرة”، وذلك بتغريدة نشرها على حسابه عبر “تويتر” بينما يحضر الجلسة، بينما أكد نواب “حزب القوات اللبنانية” برئاسة سمير جعجع، أنهم سيصوتون ضد الموازنة.
وقال رئيس البرلمان نبيه بري خلال الجلسة، إن ما نقوم به اليوم هو لتجنّب الوصول إلى ما حصل في الخارج.
ويُعدّ إقرار الموازنة من أبرز مطالب صندوق النقد الدولي وتعهدات السلطة اللبنانية له، إلى جانب إقرار قانون الكابيتال كونترول، والسرية المصرفية وهيكلة المصارف وغيرها من البنود، التي ذكرت خلال الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في إبريل/نيسان الماضي، على مستوى الخبراء.
وترى منظمة “كلنا إرادة” المدنية، أن مشروع الموازنة تغيب عنه كل الإجراءات والإصلاحات المالية والاقتصادية والضريبية المطلوبة لحماية المجتمع وبناء اقتصاد منتج ومستدام، والأسوأ أن أرقامها لا تزال غير نهائية وتخضع للابتزاز السياسي الاعتباطي.
وتعتبر المنظمة أن إعداد وإقرار موازنة العام 2022 خارج المواعيد الدستورية وبعد إنفاق المال العام وجبايته لأكثر من 8 أشهر من السنة، مجرد إجراء شكلي كونه أحد شروط صندوق النقد الدولي المسبقة لإبرام الاتفاق معه، أما إقرارها من دون قطع حساب مدقق من ديوان المحاسبة فهو استمرارية لنظام العفو والتهرب من المساءلة.
وتشير إلى أن مشروع الموازنة يقلّص حجم الدولة إلى حدود هزيلة، بحيث لا تتجاوز مجمل نفقاتها 1.2 مليار دولار أميركي وفق سعرها الفعلي، كدليل واضح على إقالة الدولة من أي دور اجتماعي واقتصادي ممكن ويفترض أن تلعبه لتلبية حاجات المجتمع وبناء اقتصاد عادل ومستدام.